قبور عاريه

من طرف رونا 19/11/2010, 4:45 pm

قبـــــــور عــاريــــــة

يوم طويل شاق ، مثله كباقى أيامى الروتينية ، يبدأ منذ الصباح الباكر ، أذهب سريعاً للعمل الذى ينتهى بعد الظهيرة ،

ثلاث ساعات من الراحة الوهمية أقضيهم ما بين الحصول على وجبة غذاء سريعة و التسكع قليلاً بين المحلات لأبدأ فترة عمل ثانية تنتهى فى الثامنة . يوم يذهب وآخر يأتى ولا جديد سوى رصيد من المال فى البنك يزيد . لم أسأل نفسى يوماً ماذا سأفعل بكل هذه الأموال ،

انا حتى لم استمتع بها ،فقط أدخرها،هل سأشترى منزلاً كبيراً؟
هل أعدُّ نفسى للزواج؟أم أننى أخطط للسفر فى رحلة طويلة حول العالم؟

لا أدرى،ربما هى العادة التى جرت على أننى ومن مثلى وغيرنا نجرى ونتسابق فى حلقة مغلقة ننتهى فيها من حيث بدأنا ، ولا نعلم من منا سيجتهد أكثر فى جمع الأموال ويفوز بالسباق ليصيب رصيده فى البنك بالسمنة. فى ذلك اليوم عدت إلى المنزل وقد استوطن الإجهاد فى ذهنى وجسدى ، ودون أدنى تفكير فى أن حتى أبدل ملابسى ألقيت نفسى فى أحضان وسادتى،ودون أدنى مقاومة استسلمت للنوم . لم أكد أستغرق فى السبات العميق حتى سمعت صوتاً افزعنى،طرقات قوية على الباب أسقطتنى من فوق سريرى ،فهرولت إليه ونظرت فى عينه السحرية ،فلم أجد أحداً، عدت أدراجى لأكمل نومتى ،

فعاود الصوت من جديد ،قررت وقتها أن أفتح دون تردد ،أوجست خيفةً عندما لم أجد أحد ثانيةً ، وعند شروعى لغلق الباب لمحت بطرف نظرى شيئاً ما ، ما هذا ؟خطاب باسمى؟وفى هذا الوقت؟ يا للسخافة! لابد وأنها أحد شركات الإعلانات التى تجبرك على معرفة منتجاتها.التقطته بالكاد من شدة ارهاقى،وأخدت أقلب المظروف يميناً ويساراً لأتعرف على المرسل،ولكن بلا جدوى،لا شىء سوى اسمى.
أثارنى غموضه ففتحته وقرأت

عروض خاصة للسفر...." ياااااه سفر!! انا لم أسافر منذ فترة طويلة،أخذتنى سنوات العمل الشاق ولم أفكر أن أسرق منها أياماً قليلة للراحة فى أى مكان بعيد"
استطردت القراءة وكانت ...

" رحلة مجانية إلى العالم الآخر وهذه هى بيانات الرحلة:-
محطة المغادرة:-الحياة الدنيا. محطة الوصول:- دار الخلود.
موعد انطلاق الرحلة:- غير متاح.
وسيلة الانتقال:- حافلة خشبية بلا محركات أو عجلات ولا مقاعد بها أو وسائد.
مايسمح باصطحابه فى السفر :-

* متران من قماش أبيض . *العمل المقدم من حسنة وسيئة.
ملاحظات هامة :- لايسمح باصطحاب أى مرافق فالرحلة فردية . الرحلة شاقة،وموحشة،ومخيفة ومحطة الاستراحة فيها هى (القبور).فعلى الراغبين وغير الراغبين الاستعداد للحظة الرحيل قبل أن يباغتهم السفر...."

طرحت بالرسالة أرضاً من هول ما قرأت، وصرخت صرخةً لم يسمعها أحد ،قمت من مكانى مسرعة وغلقّت الأبواب وكل منافذ البيت، جريت هنا وهناك كالمجنونة ،شلّ عقلى عن التفكير،ماذا سأفعل الآن؟؟حينها تذكرت شيئاً ظننته سينقذنى ، صندوقى الأبيض ، صندوق لازمنى منذ طفولتى وفى صباى، لم أفعل شيئاً صغيراً كان أو كبيراً واستشعرت فيه الخير إلا وقد دونته فى وريقات صغيرة ووضعتها فى هذا الصندوق.

لابد أن أجده حالاً ربما ينفعنى فى هذه الرحلة،التى أدركت أنها رحلة إجبارية وأنها آخر رحلاتى ،فهى بلا شك رحلة بلا عودة.هذا الصندوق الآن هو الشىء الوحيد الذى يحوى زادى فى رحلتى ،سأجعل منه فرشاً لقبرى.أعلم أننى أهملته زمناً طويلاً حتى أننى لاأكاد أتذكر أين وضعته.اعتصرت ذاكرتى إلى أن تذكرت أنه فى هذه الحجرة المغلقة،فتحتها فوجدت جدرانها قد اتشحت بالظلام الحزين ،ذهبت أتحسس خطواتى المرتعدة وأبحث عن الصندوق فى كل شبر بالحجرة ،لكنى لم أجده، لم استطع أن أتمالك نفسى وانهارت قواى،سقطت جاثيةً على ركبتى واشتد بكائى . لابد وأن أحداً تسلل إلى البيت فى غيابى وسرق الصندوق بعد أن ظنه يحوى مالاً أو مجهورات.

انا لم أجد إلا صندوقاً آخر استقر فى هذا الركن المظلم ، صندوق أسود ،ربما استبدله السارق بصندوقى،يا إلهى ! ماذا سأفعل الآن.دفعنى الفضول لأرى مابداخله،فاستجمعت ماتبقى من قواى وهممت اليه ففتحته برفق وفى حذر شديد،ورأيت مالم تتمنى عينى يوماً أن تراه....
رأيت كتاباً ذابت ملامحه تحت الغبار،عنوانه الفرقان،كلماته سمعتها فى أنين تشكو الهجران ،،سمعت صوتاً لمؤذن وقد تحشرج صوته الباكى فى حنجرته وانا لم ألبى يوماً النداء-لا أدرى سهواً أم عمداً- رأيت أكواماً من أوقات فى قلب الليل تركتها بلا ذكر أو دعاء،،رأيت رحماً فى بيتى وخارجه لم أصله،،رأيت قلباً امتلأ بالبقع السوداء ، بقعة لكبر ، بقعة لطمع ،بقعة لغضب وحقد،وغيرها وغيرها،،رأيت كثيراً...لم أعد أتحمل مارأيت،

فأغلقت الصندوق وجلست أبكى وأبكى ،وسياط الندم تنهال فوقى من كل مكان،وبدأ الخوف يغزو قلبى ويحتل عروقى،،ولكن مافائدة كل هذا؟؟فات الأوان.. كيف سأذهب بهذا الصندوق فى رحلتى؟ أيكون كل هذا زادى فى السفر؟؟
هل سيكفى ليكون غطاءً وسترةً لقبرى؟ أم سيصبح قبرى عارياً بلا ساتر؟ الآن علمت أنى لن أجد أبداً صندوقى وأن قضيتى حفظت ضد معلوم ،ليوم الوقت المعلوم، فالمسروق صندوق أبيض به زادى وكسوتى ، والسارق أيام وسنون لهوى وغفلتى. يارب أتوسل إليك أن تمنحنى يوماً واحداً استرد فيه زادى ،يوماً واحداً أعتذر فيه لكل مارأيت ، يوماً واحداً فقط أنتقم فيه من غفلتى.

جلست هكذا إلى أن صدح صوت فى جنبات الصمت حولى
"الصلاة خير من النوم ... الصلاة خير من النوم..."

على هذه الكلمات فتحت عينى ،،ماهذا ؟ اين انا؟ أكنت نائمة أحلم؟ااااه انه حلم- اللهم لك الحمد-،فقفزت من فوق سريرى ألبى نداء الحق،،صليت الفجر ودعوت ربى كثيراً"يارب.. اعنى على طاعتك ليوم أن ألقاك ،،اغفر ذنوبى وارحمنى،،اعنى على تعويض سنوات الغفلة التى سرقت زهرة عمرى واثمن اوقاتى،،

استرنى يارب فى محياى ومماتى ولاتجعل قبرى عارياً"
.
.
.
للامانه منقوووول

من طرف فاتن الغزاوي 21/11/2010, 6:02 pm

وما الدنيا الاامتحان بعدة يكرم المرء او يهان ولا نعرف موعد انتهائه فلنحذر ونتقي الله

من طرف رونا 27/11/2010, 12:28 pm

شكررررررررا اخت فاتن لمرورك الراااااااائع

قبور عاريه

قبور عاريه

رد: قبور عاريه

رد: قبور عاريه